هل الرهن العقاري حلال ام حرام؟.. “الفتوى” توضح الأمر

يدور الكثير من الأسئلة في بال الأشخاص حول معرفة الرهن العقاري حلال ام حرام، وذلك لأنه في الكثير من الحالات تحمل المعاملات المالية تعديات على حقوق الأفراد، ولذلك عملت الشريعة الإسلامية على فرض حدود لتلك المعاملات التي تضمن الحقوق لجميع الأطراف.
محتوى المقال
الرهن العقاري حلال ام حرام
إن الرهن بشكل عام من الأمور الجائز في الإسلام، وذلك لأنه يتم من خلاله السماح للدائن بتحصيل ما تم دفعه من أموال في وقت ما، ولم يتم ردها إليه، لذلك يكون من حقه استخدام الشيء المرهون لكي يتم الحصول على ما تم دفعه دون زيادة أو نقصان.
إذ إن القاعدة الفقهية تنص على أن كل ما يمكن بيعه يمكن رهنه، وهذه القاعدة متفق عليها من جميع الفقهاء والأئمة، أي أن كل الممتلكات التي يمكن بيعها، يمكن للمالك أن يقوم برهنها، وذلك حتى يتم سداد دينه بما يكفل حقه وحق المدين.
وعليه نشير إلى أن الرهن العقاري جائزًا أي أن رهن عقار أو منزل ممتلك بالفعل، وذلك مقابل سداد الدين، لكن ينبغي ألا يتبع ذلك زيادة في المال، أو ما يُطلق عليها الفوائد.
حيث إن هذا الأمر يقع تحت بند الربا الذي يعتبر من الأمور المحرمة في الإسلام، وفي حالة لم يتم سداد المال للدائن، فيمكنه أن يأخذ من قيمة العقار أو نصيبه بما تغطي أمواله التي أخذها المدين له.
أركان الرهان في الإسلام
من خلال معرفة الرهن العقاري حلال ام حرام نذكر أنه يجب التعرف على أركان الرهان في الإسلام، حيث تبلغ تلك الأركان خمسة كما تم تحديدهم من قِبل الشرع للعامة، ويمكن الاطلاع عليها من خلال ما يلي:
1- الشخص الراهن
من بين الصفات المهمة التي ينبغي أن يتصف الراهن بها في السداد ألا يكون محجوزًا عليه من قِبل أهل السداد، أي يكون له حرية التصرف في المال، وأن يكون عاقلًا وحكيمًا وبالغًا، وعلى دراية بتفاصيل هذا الأمر.
لكن في حالة كان الراهن مفلسًا فإن أصحاب المذهبين الشافعي والمالكي على عدم إمكانية رهنه، لكن شرع أبو حنيفة ذلك ولم يقم بتحريمه.
2- الشخص المرتهن
من خلال معرفة من هو الشخص الراهن، فينبغي معرفة الشخص المرتهن، وهو الشخص الذي يقوم بتقديم الرهن من أجل حفظ حقه ومصلحته.
3- الرهن نفسه أو المرهون
رأى المذهب الشافعي أنه يجب تطبيق خمسة شروط رئيسية مهمة في الرهن، والتي تتمثل فيما يلي:
- ينبغي أن يكون الرهن عينًا وليس دينًا، حيث إن الدين لا يمكن الرهن به.
- ألا يتم امتناع إثبات يد الراهن المرتهن عليه مثل المصحف.
- عدم ربط البيع بوقت معين والسداد بعده، حيث يكون حينها الرهن غير قابل للبيع عند حلول الأجل.
- يكون الرهن مقبوضًا للمرتهن.
- أن يكون المرهون منفصلًا ومتميزًا عما دونه، وذلك من غير المرهون.
4- الشيء المرهون به
ينبغي في سبب الرهن نفسه أو ما يُطلق عليه المرهون به أن يتوفر به عدة شروط وهي:
- أن يكون الشيء المرهون به على سبيل الدين.
- يمكن أن يتم تحقيق الحق من الرهن.
- أن يكون المرهون به معلومًا ومحددًا للطرفين.
- أن يكون الشيء المرهون به ملزمًا وآيلًا للزوم.
- ألا يكون الشيء المرهون به موعودًا به، بل يكون ثابتًا وبالفعل موجودًا.
5- صفة عقد الرهن
يعتبر العقد شريعة المتعاقدين، وفي إطار ذلك ينبغي أن تحمل صفة عقد الرهن هذه الأمور الآتية:
- الاتصال والموافقة بالإيجاب والقبول.
- أن يتم تصريح القبول من الطرفين مباشرةً بشكل واضح لكلٍ منهما.
- خلو الصيغة من تعليق لعقد الراهن، او الإضافة له إلى وقت ما.
جواز وحرمانية الرهون العقارية في الدول الأجنبية
في حالة الاقتراض الطبيعي من البنك من أجل شراء العقار من خلال الرهن أو السداد المعقول لثمن العقار بالرهن فهذا الأمر جائزًا ولا شبهة به.
لكن هناك بعض الدول الأجنبية التي تقوم برفع قيمة القروض المسددة بشكل شهري أي أن يكون هناك فائدة على القروض المسددة وهذا الأمر محرمًا شرعًا، فهو يدخل ضمن حدود الربا، حيث قال الله تعالى:
{ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ فَمَن جَآءَهُۥ مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ وَأَمۡرُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَنۡ عَادَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} [سورة البقرة الآية:275].
أما عن الأمر الثاني الذي يحدث في تلك الدول عند ارتفاع سعر العقارات بشكل مستمر فإنه يتم توقيع الزيادة على المشتري، فيكون حينها مضطرًا للاقتراض ثانيةً من أجل سداد السعر الجديد للعقار الذي يشتريه.
وعليه نجد أن ذلك يقع تحت بند الربا، حيث إن الأصل في البيع والشراء أن يتم البيع بسعر ثابت، ويتم التمليك بسعر معين لا يتغير في فترات السداد، لذلك فإن الجمهور رأوا أن هذا النوع من الرهن والشراء غير جائز، وذلك لعدم الاتفاق مع أوامر ونواهي الشريعة الإسلامية حول هذا الأمر.
في نهاية الاطلاع على إذا كان الرهن العقاري حلال ام حرام نرى أن الدين الإسلامي حثنا على اتقاء الشبهات، حيث إن الحرام والحلال من الأمور البينة للناس عامةً، فتقوى الله واجبة في كل وقت، وهذا لأن ذلك هو الطريق للجنة، وسبيل الرشاد.
التعليقات