تعريف الصدقة على النفس

الدين الإسلامي يدعو إلى التوازن في كل الأمور، ومن ذلك التوازن ما هو في الإنفاق، ففي حين تشجيع الإسلام على الإنفاق في سبيل الله ومساعدة الآخرين إلا أنه أيضًا يؤكد على أهمية العناية بالنفس وتلبية احتياجاتها فقد وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تؤكد على أن الإنفاق على النفس والأهل هو عبادة وصدقة يؤجر عليها المسلم، مما يعكس أهمية تقدير الذات والعناية بها سنتناول في هذا المقال بعض الأحاديث النبوية التي تسلط الضوء على هذا المبدأ وتوجه المسلمين إلى الاهتمام بأنفسهم وأسرهم.
محتوى المقال
الإنفاق على النفس والأهل صدقة
حديث “ابدأ بنفسك ثم بمن تعول”: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا” (رواه مسلم). يدعو الحديث المسلمين إلى البدء بأنفسهم قبل الآخرين، مما يرسخ قيمة التوازن في الإنفاق وعدم إهمال النفس.
كما يفهم هذا الحديث الشريف أن تلبية احتياجات النفس والأهل تأتي قبل الآخرين مما يشير إلى ان الصدقة تبدأ من البيت وهذه لا يقلل أبدًا من قيمة العطاء بل يعزز مفهوم الإنفاق المسؤول.
الأجر في الإنفاق على الأهل والنفس
حديث “أفضل دينار تنفقه”: جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دينار أنفقته على أهلك، ودينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته على فرسك في سبيل الله، ودينار أنفقته على صاحبك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك” (رواه مسلم).
في هذا الحديث، يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الإنفاق على الأهل يُعَدّ من الأعمال ذات الأجر العظيم، ويشير هذا الحديث أن الأولوية تكون في الإنفاق على الأسرة ويتضح من هنا أن توفير حياة كريمة للأهل وللنفس قد يأتي في مقدمة الأعمال الصالحة، فالإنسان مأمور بعناية من يعولهم وتامين احتياجاتهم الأساسية قبل أن يفكر في غيرهم.
أهمية العناية بالنفس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن لنفسك عليك حقًا، وإن لأهلك عليك حقًا، وإن لزورك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه” (رواه البخاري).
هذا الحديث يدعو كافة المسلمين إلى عدم إهمال النفس وتقديم كافة حقوقها مثلما يراعي المسلم أيضًا حقوق الآخرين، وعليه أن يحقق التوازن في منح كل ذي حق حقه بما في ذلك النفس.
تلبية احتياجات النفس والاهتمام بصحتها وسعادتها يعد جزءًا من مختلف التوجيهات النبوية ولا ينبغي على المسلم تجاهله.
الإنفاق المسؤول كمنهج للحياة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول” (رواه البخاري).
هذا الحديث الشريف قد ينبه إلى ضرورة الاعتدال حيث يشجع على الإنفاق ولكن في حدود معينة دون تبذير وفي حدود الإمكانيات كما يرشد أيضًا على أن يكون الصدق ضمن القدرة المالية بحيث لا يضر الشخص بنفسه أو أهله.
التوازن بين الإنفاق الشخصي والعطاء للآخرين
قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا” (الفرقان: 67)
توضح هذه الآية أن التوازن هو جوهر الإنفاق الصحيح في الإسلام، فلا إسراف ولا بخل، بل تحقيق احتياجات النفس بما يحافظ على استقراره كما تدعو الآية إلى أن يتوسط المسلم في نفقاته الشخصية ويشمل ذلك تلبية كافة احتياجاته دون تضييع حقوقه وحقوق من يعولهم.
الإنفاق على النفس كجزء من العبادة
قال الله تعالى “وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ” (الضحى: 11).
تدعو هذه الآية الكريمة المسلم إلى أن يظهر شكر الله تعالى على النعم ويشمل ذلك تلبية احتياجاته النفسية والجسدية باعتبار ذلك جزء من الشكر على عطاء الله سبحانه وتعالى لعباده.
كما تشير هذه الآية إلى أهمية الاعتدال، فالإنفاق على النفس ليس مبالغة أو تبذيرًا بل هو استخدام حكيم على النعم التي منحها الله تعالى للإنسان.
إن الأحاديث النبوية والآيات القرآنية ترسّخ مفهوم التوازن بين الإنفاق على النفس والأهل، وبين الإنفاق في سبيل الله وتعتبر العناية بالنفس من القيم التي يشجع عليها الإسلام ضمن حدود معقولة بدون إسراف أو تبذير.